الأربعاء، 25 أبريل 2012

فاصلة (3) , وحملته بين ذراعي !



,
,


هذه المرة أنتهج لون جديد وليس ببديع حينما أرتديه فتماسكوا

" أسلوب القصة القصرة .. أتمنى نقدكم وملاحظات رواد هذا المجال وغير رواده "



(١)

بارد ..
رغم الضجيج، رغم الحركة المتدفقة بلاتوقف ...
رغم هدير الآلات، رغم نعيق أبواق السيارات ..
إلا أنه بارد ....! بارد هذا العالم!



(٢)
حملته بين ذراعي احتضنته بلهفة مسحت على رأسه
"لاتقلق أشعر بدفئك، أنت دفئي .. سأكون دفئك، نحن بخير"

لمحت ابتسامته البريئة تتسلل من شفتيه بصعوبة .. ربما لأن الكلمات أكبر من الواقع
لكن لطالما آمن الأطفال بكلمات منهم أكبر سناً

شد ثوبي أطرق برأسه على صدري و ... مضينا بصمت نشق طريقنا !





(٣)
عاهدته .." سأرعك سأكون بجانبك ستكبر أمام ناظريّ ، سأفعل المستحيل لأجلك
سأتشبث بك .. مادمت حية !"

لم يكن يثقل كاهلي رغم حملي الدائم له
كان ثقله يعني لي "بخير ويكبر" ..
سعادة تدفئني كلما أحسست بوزنه ازداد..
اعمل بجد لأقوى على حمله ،، فقد وعدته!



(٤)
فاجأني ذات يوم سؤال زميلة " امممم أود أن أراه " وهي تأرجح قدمها ..
نبضة قوية تخترق أضلاعي شعرت بها
جمعت ماتبقى من مايسمى ابتسامة ظهرت متعرجة معوجة، علامات الدهشة كست وجهي
"معذرةً، لكن مالذي تقصدينه؟"..
رفعتَ حاجبيها للأعلى وأخفضتهما مرات متتابعة وبإبتسامة خبيثة " هذا ماأقصد" وهي تشير بأصبعها

التفت متفاجئة، للتو أعلم أنه كان خلفي
طبطبت على رأسه لأطمئنه بعدما شد ثوبي بخوف، قدمته للأمام " هاهو"
اتسعت عيناها، وانفجرت ضاحكة بسخرية وصوتها يهز المّر "هذا !!!!!!"
سرعان ماجلب صوت -نهيقها- نظر الحول
أقبلت زميلتان أخريات " مالذي يضحك ؟"
أشارت" هذا هو!"
كتمت إحداهنّ ضحكتها بصعوبة
كان واضحاً حركة شفتيها العشوائية وهي تعصر ضحكتها ..
أما الأخرى فتنهدت قائلة " بربك! هل تستطيعين رعايته وتحمله ؟!"

تسمرت في مكاني شعرت بثقل هائل يضغط على كتفي وكأن جاذبية الأرض ازدادت أضعاف!
لم أستطع الحراك ولاسحب قدمي لمليميتر واحد!
أود أن أهرب .. فليست هذه الأولى!





(٥)
شئ دافئ يلامس يدي يحاول جاهداً الإمساك بها, بدا هزيلاً ويرتعش, وعيناه أخفضهما تجاه الأرض !
تحررت من ذاك الضغط, تسلل لداخلي ذاك الشعور كأول يوم لقاء لنا ..
أمسكت يده بقوة, واستجمعت قواي " أنا بحجم ماقلت! أستطيع! نعم أستطيع -بإذن الله-!, سأسجله غداً وأطلب استقطاع وإعانة لرعايته!"

أدرت ظهري ممّسكه بيده, مضيت مسرعة بالاتجاه المعاكس لهنّ ..
هدأت يده وتهللت أسارير وجهه ..




(6)

وجاء اليوم الموعود, طرقنا الباب وأُذن لنا بالدخول بعد موعد مسبق أو لنقل أكوام مواعيد مسبقة وملغاة ومبدلة !
مكتب فاخر, كوب قهوة رائحته تخبرك بجودته وضربت ثمنه, سرير مُريح تشعر بذوبانك فيه عفواً قصدت كرسي ..
ربما شككت لوهلة أني دخلت غرفة فندقية بدل من مكتب عمل رسمّي !

تجهم وجه صاحبنا صاحب المكتب, وتنهد "ألم أقل لاأريد أن أقابل هذه الشاكلة! فهم لا ينتسبون لعالمنا!
ويريدون دعماً ! لاتضحكوني! ألا تعلمون كيف يسير هذا العالم ؟!!"
ضممّت صغيري بين ذراعي حاولت جاهدة إغلاق أذنيه, يكفي فقط هزل وضعف جسمه من كلماتهم!
خرجت من المكتب كسيرة ومازال بين ذراعي, فكانت –لا أمل- تلوح بوضوح من باب ذاك المكتب !

استندت على أقرب حائط التقطت أنفاسي, حررت أذنيه الصغيرتين ..
نظر لي بنظرة متسائلة شغوفة, أجبته بحشرجة " إنهم يحبونك, أنت بخير لاتقلق!"

ولايزال ... يؤمن بكلماتي !




(7)

أثقلت كاهلي الحياة وضعته جانباً على أن أضع موعد له
كثرت المشاغل تفاقمت وتقدمت أمامه وأصبح الموعد متى ماوجدت فراغاً ..

يوماً ارتميت منهكه, شعرت بشئ بجانبي يتحرك, قفزت مرعوبة, "ما يكون ؟!"
تنهدت "أوه, إنه هو .... "
امتدت يده وهي ترتعش هزيلة
تحسس وجهي, تغير منظر عيناه, رعب وخوف وصدمة .. !
سحب يده وضمها إلى صدره بقوة وهو يرتعش كأن روحه ستفيض,
زحف بثقل ليجلس في زاوية .. وشفتيه تُتمتم "باردة! باردة! باردة أصبحت!"



(8)

قررت إراحته من ألمه, حملته على ظهري ومضينا ..
تدحرجت دمعة على خده الأجدب متأمله أن يزهر ربيع على ملامحه, ثم ابتسامة تلتقط ماتبقى من أشلاء أمل ..

إلى أرض خالية حملته, أخفضته أرضاً ..
أخذ يتابعني بصمت, حملته بهدوء
وأنزلته ..

لـ وأده !
نظراته المستغيثة لم تلامس قلبي وكأنه دفن حجر!
حثثت الثرى فوق جسده الهزيل استغاثاته, دموعه, صرخاته لم أرها, فقدت الشعور بوجوده وبه!

ساويت الأرض فوقه, نفضت يدي
هممّت بالنهوض, إلا أن غيمة سوداء ظهرت فوقي !
لابل ظل آدمي !
مد يده نحو الأرض وثقب ثقباً فيها "دعيه يتنفس"
صرخت "بربك! ماتراني فاعله! أتمزح؟! "
نظر بهدوء "ِلمَ تقتليه ؟"
شعرت رأسي سينفجر من الضغط "إنه ذنبه! ذنبه! ذنبه! لأنه ولد عربياً"

وضع يده على فمي وهمس " لنترك هذا الثقب ولن يهلك حتى تهلكين ..
اجمعي له وطوري من نفسك! ولرعايته كوني متأهبة! لاتدعي كلمات غيرك تُسيرك!
دعيه يفخر ويحق له أنه ولد (حُلم) عربي!
وحتى إن أخبرك أحدهم (مثلك لاينتسبون لعالم لا يعمل سوى بـ (و+)*) "

*
و+ = واسطات



*احفظوا أحلامكم ولاتقتلوها بأيديكم, جاهدوا لترعوها حتى وإن ولدت عربية
لأننا بإذن الله سنصنع جيل أحلام عربية -
قريباً-!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق